(+2) 01116627755
139 El Tahrir, Ad Doqi, Dokki, Giza Governorate

حرية الإرادة 4

يقول الكثير كيف ان قدر الله وإرادته وعلمه  السابق وحكمة  لا يؤثر ذلك  فى حرية إرادة الانسان ، الإجابة ان قدر الله وحكمة اقتضت حرية أرادتنا ، فبدون إرادة الله لا نعمل شىء ولا نريد شىء ولا نعزم على شىء وهو قادر ان يردنا عن اى عمل نعتزم القيام بة ، وعلى الرغم من حريتنا الكاملة لن نستطيع أن نغلب إرادته القدسية ولا مشيئته الحكيمة فهو سبحانه يحكم لا معقب لحكمة ولا يبدل القول لديه ، الجبار الذى لا يغلبه غالب ولا يدركه طالب ولا يفوته هارب وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير.

إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا (الانسان:29)

وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (الانسان:30)

فالآية الاولى تؤكد ان للإنسان مشيئة ولكن هذة المشيئة لا يمكن ان تعترض مشيئة الله المدبرة المسيطرة للأحداث من حولنا

وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ (يونس:99)

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (يونس:100)

إن رحمة الله تضيئ لنا الطريق لكن اللة لا يكرة الناس أن يؤمنوا لأنه لا يجرد الانسان من حريته وإرادته ، فالكافر إختار الكفر بعقله وإرادته وكذلك المؤمن ، كلا اختار الطريق الذى يريد ان يسلكه بمحض إرادته لم يجبره احداً عليه.

وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (الكهف:49)

وإذا اراد الله ان يقع الشقاء او الشر بأحد فذلك لحكمه لا نعرفها لوقتها ولا ينكشف الهدف منها لأنه سبحانه لا يكشف الغيب لأحد ولا يكشف الغطاء عن اسراره الا فى الوقت المعلوم فى علمه والأحداث خلقها الله لصالح العبد ولا تغير ارادته للشر بل تدفعه للخير ، فلو قرأت التاريخ وتابعت احداثه تدرك الحكمة البالغة والكامنة فى الاسباب، فاخوه يوسف حسدوه على  إيثار ابوه له وكانت جميع الحداث مقدرة والنتيجه ان رجوعهم الى الله بإرادتهم انقذهم .

وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (يوسف:100)

وفى قصة موسى والخضر بيان لأحداث قد تبدوا انها ستؤثر فى ارادة من يعاصرها فظاهرها الظلم وباطنها الرحمة والنتيجة العدل المطلق لمن اراد الطريق الحق والجزاء لمن اراد الفساد والاحداث، لا يمكن لبشر معرفه الحكمه منها

قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدٗا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا (67) وَكَيۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرٗا (68) قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا (69) قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعۡتَنِي فَلَا تَسۡ‍َٔلۡنِي عَن شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ أُحۡدِثَ لَكَ مِنۡهُ ذِكۡرٗا  (الكهف)

ولما كانت ارادة الله تابعه لمصلحة العباد كان كل ما يحدث لنا هو لمصلحتنا وإن جهلنا الحكمة منها فالله قادر ان يدفعنا الى الخير او الشر او ان يحول بيننا وبين الخير والشر ولكن لو فعل ذلك لبطل الثواب والعقاب ، فنحن نقترف الخطيئة حين نقترفها بمحض إرادتنا وسوء تصرفاتنا لا لفقد الحرية كما يدعى الجبريون…

 وَإِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةٗ قَالُواْ وَجَدۡنَا عَلَيۡهَآ ءَابَآءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَاۗ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ (الأعراف:28)

وحتى تستقيم الامور لابد أن يكون الخلق لهدف سامى بعد اعطاء هذه الحرية للانسان من اختيار أمانة الخلق وهى حق الله على عبادة

 إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (الأحزاب:72)

ومن ثم وجب الحساب

 أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) (المؤمنون)

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (الجاثية:21-22)

ثم بعد ذلك فالخالق ادري بالقدر الذى يمكن لعبده ان يتحمل فلا يحملنا ما لا نطيق حتى نعبر نتجاوز طريق الشر الى الخير

 لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )البقرة:286)

واذا نظرنا إلى التاريخ الحديث

نجد مثلا لهتلر فله هدف نبيل هو إنقاذ العالم وإيمان قوي بقوانين الطبيعة كما فهمها، وقد يكون شخصًا روحيًا ولكن روحانيته كانت مرضية ومدمرة، ومن خلال ما اعتقد هتلر وإيمانه بما رأى ومن خلال الأحداث التى قدرها الله قُتل فى الحربين العالمتين ما يقرب من ١٣٠ مليون وكل من عاصر الحروب سيحشر على نيتة وإرادته، والعجيب ان الكثير يتصورون ان الشر والخير لا يمكن تميزهم من خلال الاديان ويتصورون ان الثقافات تستطيع ان تحكم مصائر الانسان وافعاله وأن الزمان والمكان قد يغيران الشر او الخير الناجم من اى إنسان، وان قدر الانسان فى مدى قربة من الشر او الخير  هو الذى يحدد ارادته ، والواقع ان هذا الكلام  يخلو من العقل  لان حسن الفطرة وحسن النية يتبعه الايمان بواقع الخير وقدرته على دعمنا فى فعل الخير ومقاومة الشر بإرادتنا حتى بعيداً عن الدين  ،فقد تغيرت المعتقدات الدينية لأدولف هتلر تغيرت آرائه بشكل كبير بمرور الوقت، خلال بداية حياته السياسية ، أعرب هتلر علنًا عن آرائه المؤيدة للغاية تجاه المسيحية ، لكنه نأى بنفسه عنها تدريجياً وكان موقفه الأخير مناهض للمسيحية وفى الوقت نفسه انتقد الإلحاد، وتصرف بكامل ارادته ومن معه لهذا المصير، وكان الهدف الحقيقى هو المجد الشخصي لتولى السلطة المطلقة فى المانيا متصورا انة يستطيع تغيير ارادة البشر لإرادته  واعتقاده الفاسد القبيح .